السبت، 16 أبريل 2011

حرب القمح بين وزير الزراعة والمستوردين

تواجه ثورة 25 يناير البيضاء ثورة مضادة من النظام السابق وأصحاب المصالح، وأيضا تواجه أحلام الحكومة الجديدة، والمصريين بالداخل والخارج، ما يمكن أن يطلق عليه «خطط مضادة للخطة الجديدة»، حيث لاقت تصريحات الوزير أيمن أبوحديد، إمكانية تحقيق اكتفاء ذاتى من القمح، وكذلك الدراسات التى أجراها العلماء، والمشروعات التى يرغب المصريون بالخارج فى تحقيقها لمصر والمصريين، محاولات لإجهاض هذا الحلم المؤجل منذ 30 عاما، لإثبات وجهة نظرهم فى عدم إمكانية تحقيق ذلك، ولعب فلول الحزب الوطنى والنظام السابق دورا كبيرا فى الترويج لأزمة المياه، إلا أن هذه الخطة أصبحت دون جدوى خاصة بعد أن سافر وفد مصرى ضم عددا من الخبراء والسياسيين وشباب 25 يناير إلى أوغندا وتنزانيا، فى محاولة منهم لحل أزمة المياه مع دول حوض النيل، وذلك لوأد أى محاولات من النظام السابق لإجهاض أحلام المصريين.

وتبقت محاولة أخيرة من جانب مستوردى القمح من الخارج، لإجهاض أحلام المصريين والحكومة، وذلك لتعارضها مع مصالحهم التى حارب النظام السابق شعب مصر من أجل تحقيقها لهم، وربما تُجرى مساعٍ للإطاحة بوزير الزراعة أيمن أبوحديد لوقف هذه الخطط أو الأحلام.

فقد أدت تصريحات الدكتور أيمن فريد أبوحديد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، والتى أكد فيها إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح خلال عامين، إلى حالة من الفرحة لدى العديد من المصريين، فيما وصفوه بالنتائج الإيجابية لثورة 25 يناير، مؤكدين قدرة مصر على تحقيق خططها التى عطلها النظام الحاكم السابق لمدة زادت على 30 عاما.

تصريحات الوزير أيمن أبوحديد لحقتها دراسة أخرى أعدها الدكتور أحمد حسنى، مستشار الوزير للشؤون الاقتصادية، وتوقع فى الدراسة زيادة المساحة المزروعة بالمحصول لتصل إلى 3.4 مليون فدان، بدلا من 2.9 مليون العام الماضى، فيما تشير الدراسة إلى أن الإنتاج الكلى من القمح تراوح بين 41.7 و56.8 مليون إردب خلال العام الماضى، وأن هناك توقعات بالزيادة السنوية بمقدار 1.6 مليون إردب، وتوقع أن يبلغ الإنتاج الكلى من القمح قرابة 62.5 مليون إردب (9.3 مليون طن) عام 2013، فى ظل سيادة الظروف الحالية فى المستقبل.

وتؤكد الدراسة أن هذه الإنتاجية تتسم بالازدياد السنوى بمقدار 0.03 إردب للفدان، ومن المتوقع أن تبلغ الإنتاجية نحو 18.29 إردب للفدان فى عام 2013، وهو ما يستلزم بالضرورة تضافر الجهود لاستنباط الأصناف عالية الإنتاجية، والمقاومة للظروف المعاكسة.

تأكيدات الوزير، وظهور بعض دراسات العلماء، توضح من الناحية العملية إمكانية تحقيق مصر اكتفاء ذاتيا من القمح، وتحقيق أحلام ضاعت لمدة 30 عاما أيضا، كما أنها تنسف التصريحات والتأكيدات التى سبق أن روجها الوزراء السابقون بعدم وجود إمكانيات لتحقيق ذلك، أهمها وجود موارد طبيعية من مياه وأراض لذلك.

الأرقام والبيانات التى خرجت من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى تؤكد أن مصر تمتلك مساحات كبيرة من الأراضى الصالحة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والذرة، وتحقيق الاكتفاء الذاتى، فضلا عن الخطة الجديدة لوزارة الزراعة لإعادة النظر ومراجعة الخطط القديمة للأراضى التى يستولى عليها رجال الأعمال والشركات الاستثمارية الأجنبية والعربية الكبرى.

فالخطة الجديدة تتلخص فى شيئين مهمين، أولهما سحب الأراضى من المستثمرين غير الجادين، وتوزيع هذه الأراضى على المستثمرين الجادين والمزارعين الصغار، والاستفادة من هذه الأراضى وزراعتها بهذه المحاصيل، وهى الخطوة التى فشلت فيها وزارة الزراعة خلال الأعوام العشرة الماضية، والتى تسببت فى إهدار مساحة تزيد على 3 ملايين فدان من أجود الأراضى.

أما الجانب الآخر الذى تشدد عليه الوزارة فى الخطة الجديدة فهو إلزام المستثمرين بزراعة محصول القمح فى أراضيهم ووضع جدول زمنى للزراعة، وهو ما يضيف مساحات زراعية جديدة، وإنتاجية عالية، خاصة أن هذه الأراضى «البكر» لم تزرع بالقمح، ويؤكد الخبراء والدراسات تحقيقها لإنتاجية كبيرة.

وبجانب الخطة الرسمية لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، فقد وضع عدد من المستثمرين المصريين المغتربين خطة أخرى هدفها الرئيسى تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، حيث تجدد حلم ما يزيد على 900 مستثمر بشراء 42 ألف فدان بالمزاد العلنى بالساحل الشمالى كانت حكومة الدكتور أحمد نظيف قد رفضته قبل عدة أعوام، بحجة عدم توافر مياه الرى، إلا أنهم بعد 25 يناير خاطبوا وزارة الزراعة والمجلس العسكرى ومجلس الوزراء بإمكانية تحقيق ذلك، وأبدوا استعدادهم لضخ ما يزيد على 2 مليار جنيه للمشروع الذى تقوم حكومة الدكتور عصام شرف بدراسته حاليا، فى حين لم ينتظر المستثمرون رد الحكومة المصرية، وقاموا بإعلان رغبتهم فى ذلك، واستطاعوا جمع تبرعات من جميع المصريين المغتربين بالخارج لتنفيذ المشروع الذى يحقق أحلام الملايين من المصريين.

لكن هذه الخطط تواجه جهودا أو خططا مضادة يقوم بها المستثمرون، وفرق المستفيدين تسعى طوال الوقت لإثبات استحالة تحقيق أى اكتفاء ذاتى، وهى جهود مستمرة من العهد السابق، كانت تسخّف أى جهود لإنتاج القمح، أو حتى زراعته فى دول أفريقية أو غيرها، لأن هؤلاء يعتبرون الاستيراد مصدر ثراء، بصرف النظر عن المصلحة العامة.

لكن، من هم المستوردون والشركات المتحكمة فى سوق القمح المصرى؟.. مع زيادة الكمية التى تستوردها مصر من الخارج والتى بلغت 80% من احتياجاتنا من القمح، يرتفع عدد المستوردين المسيطرين على السوق، وتعد شركة «فينوس إنترناشونال» المملوكة لرجل الأعمال المصرى محمد عبدالفضيل، رئيس الجانب المصرى فى مجلس الأعمال المصرى الكازاخستانى، مستشار وزير الصناعة، من كبرى الشركات المتخصصة فى استيراد القمح، حيث تتعامل تجاريا بنحو 3 ملايين طن سنويا، أى نصف ما تستورده البلاد تقريبا، وشهدت الفترة الأخيرة نشوب نزاع قضائى بين هذا المستورد، وهيئة السلع التموينية، بعد رفض الهيئة القمح المستورد، مما أدى لتكدسه فى مخازن شركة «فينوس»، وطالب عبدالفضيل الهيئة برد 86 مليون جنيه كتعويض عن الخسائر التى لحقت به.

ويأتى فى المرتبة الثانية رجل الأعمال رفعت الجميل، صاحب شركة «حورس»، والذى أصبح يستورد ما يقرب من مليون طن قمح سنويا، بجانب استيراد الذرة وبعض المحاصيل الأخرى، وتقدر أرباحه بما يقرب من نصف مليار جنيه.

وتدخل شركة «الاتحاد التجارية» المنافسة، وهى مملوكة لصاحبها علوان عبدون، الإماراتى الجنسية، ، حيث يستورد مليون طن سنويا، يليه حمدى النجار، صاحب شركة «النجار» لاستيراد الحبوب، وتوجد أيضا شركة رجل الأعمال عاطف أحمد حسن الذى يمتلك شركة لتجارة الغلال، ويشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة «مطاحن الأصدقاء».

وتتوقع مصادر بارزة فى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى دخول الوزير أيمن أبوحديد فى صدام مع مستوردى القمح من الخارج، بعد التصريحات التى أطلقها بإمكانية تحقيق اكتفاء ذاتى من القمح خلال عامين، إلا أن الصدام فى الوقت الحالى لن ينتج عنه شىء، ففى العهد الماضى كان الصدام مع وزير الزراعة أو غيره من الوزراء يتسبب فى إقالته، أما وقد اندلعت ثورة يناير التى أطاحت بالنظام فإن حلم تحقيق اكتفاء ذاتى من القمح أصبح ممكنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق